(المكتسح ) يحدد مفهوم النزاهة في انتخابات الغرفة التجارية
في صباح يوم الجمعة ـ وكالعادة ـ عندما كنت أتصفّح الجرائد المحليّة بحثاً عن وظيفة، لفت نظري عبارات الشكر التي استخدمها (المكتسح) ـ وهو اللقب الذي درج على قلم بعض الصحف في الإشارة إلى خالد الشبيلي ـ لنتائج انتخابات الغرفة التجارية في الرياض لصاحب السموّ الملكي الأمير سلمان على تحقيق نزاهة الانتخابات والطريقة التي أديرت بها تلك الانتخابات، وطرح الخيار للناخبين لتحديد مَن يرونه قادراً على إدارة الغرفة ..
تساءلت وأنا أقرأ تلك السطور؛ أهذا هو المفهوم الجديد للنزاهة، وأنا شهدت ورأيت بأمّ عيني أصنافاً وأنواعاً من المخالفات القنونيّة واختراقات لا حدود لها لشروط الترشيح والانتخاب لمجلس إدارة الغرفة التجارية، ومن قِبل نفس (المكتسح) إعلاه.
كنت أتواجد هناك بشكل يومي رغبةً مني في مشاهدة التجربة الديمقراطية التي يُفترض أن تجري هناك، ولربّما كان لي نصيب في الحصول على فرصة للتعرّف على أحد رجال الأعمال الكبار لتسليمه سيرتي الذاتية واستجدائه للحصول على عمل في إحدى منشآته.. فلقد كنت شديد التفاؤل خصوصاً بعد أن استلمت على جوالي عدداً من الرسائل النصية التي تعِد بالكثير والكثير، فقلت لنفسي؛ من باب أولى أن يكون لي نصيب في تلك الإغراءات المقدّمة للمواطن. ومن هذه الرسائل على سبيل المثال رسالة وصلت من ( AL Shobily ) في تاريخ ( 12/11/2008 ) ونصّها:
((أخي صاحب المنشأة التجارية .. تعلمون عن برنامج الشيخ خالد الشبيلي للتواصل، والذي تمّ فيه منح بعض الشركات والمؤسسات التجارية اشتراك في البريد وأجهزة فاكس واشتراكات دي إس إل وجهاز كمبيوتر وبرنامج مبسّط للإنترنت، إذا رغبت آمل حضوركم لاستلام هذه الاشتراكات والأجهزة من مكتبنا بجوار الغرفة التجارية والمقام مؤقّتاً حتى نهاية هذا اليوم فقط)) ورسالة أخرى أطلعني عليها أحد الأصدقاء في جواله من قناة تُدعى "الدولية" وفيها شكر لبعض رجال الأعمال لقبولهم حضور حفل افتتاح هذه القناة المقام في دبي؛ وإخطارهم بضوروة ذهابهم لاستلام تذاكرهم وتكاليف إقاماتهم خلال السفر من المقر المؤقت بجوار الغرفة التجارية؟؟؟!!!.
وصلت إلى الغرفة التحارية في الرياض نهار يوم الثلاثاء الماضي وهالني ما رأيت من تجمّع حاشد الأغلبيّة منه مؤلّفة من مندوبي المرشّحين، وسأترك لكم تخمين عدد المندوبين الذين كانت لهم الأكثرية الكاسحة في التواجد هناك؛ كيف لا وهم رجال (المكتسح) ؟؟!!
تبادرت بعض الأسئلة إلى ذهني بعد وصولي إلى هناك مباشرةً؛ وخصوصاً بعد أن رأيت خيمتين كبيرتين وعربة متنقّلة بجوار الغرفة التجارية، وهي كلها لشخص واحد، وأظنكم تعرفون من هو، إنه (المكتسح) تساءلت أين هي خيام باقي المرشحين، هل هم بُخلاء إلى هذه الدرجة، أم لم تُسعفهم خبراتهم التجارية والتسويقية في الترويج لحملاتهم الانتخابية؟ وحينما عرفت أن السبب وراء ذلك هو صدور قرارات ولوائح من اللجنة المنظّمة للانتخابات تمنع القيام بمثل هذه الأمور عرفت حينها أنّ ما أشاهده الآن هو مجرّد حفلة عيد ميلاد خاصّة بالشيخ (المكتسح)، يوزّع من خلالها جوائزه وعطاياه الغير ممنونة!! وكل ذلك تحت غطاء هزيل يحمل عنوان ( برنامجي التواصل والصفوة) هروباً من الخروقات الصّريحة والواضحة للوائح وشروط اللجنة المنظّمة للانتخابات، ولست أفهم كيف يظن أن بإمكانه خداع كل هذه الحشود. كيف لا وكلّ العاملين في برامج (المكتسح) التطويريّة تصادف وجودهم في مقر الانتخابات وفي نفس اليوم والساعة ولمدة مؤقّتة تنتهي ـ سبحان الله ـ بانتهاء الانتخابات، وكلهم يحملون على صدورهم بطاقة تُظهر اسم ورقم المرشّح (المكتسح) ويريدون منّا أن نظنّ أن لا علاقة لهم بالانتخابات؛ فأيّ استخفاف بالعقول هذا !!
وفي خضمّ بعض الهتافات التي كنت أسمعها والمشاهد التي كنت أراها ممّن كانوا يتلقّون أصحاب المؤسسات أو الشّركات فإذ بأحد الأشخاص يمسك بأحد المقترعين ويقول له (يا سيّدي انتخب الشبيلي، ولدينا تذكرة إلى دبي لافتتاح قناة الدولية ويمكن أن تتفضّل باستلامها من تلك الخيمة!!" وأشار بسبّابته إلى خيمة التواصل...؛ ولست أدري ما هي العلاقة بين تلك القناة في دبي، وانتخابات الغرفة التجارية في الرياض، فسألت نفسي حينها: بالله كيف يستسيغ الشبيلي جلوسه وتربّعه على كرسيٍّ في الغرفة التجارية بماله، وهل أصبحت الكراسي في الغرفة التجارية تُشترى ، وهل سيظل يشتري الشبيلي قلوب التجار بماله، وإلى متى، ولو ربح في هذه الدورة، فهل سيحبّه الناس لأفعاله أم لأمواله التي يحصّلونها منه، وهل سيكون قادراً على ذلك في كل دورة انتخابيّة، وهل سيستطيع استرداد كل ما أنفقه، وكيف؟؟!! فهذه ـ كما نعرف ـ عقلية التجار.
فعقدت العزم بعد هذه المناظر على البحث والتقصّي لمعرفة المزيد عن (المكتسح) المرتقب، فأخذت بالبحث والاستفسار والتقصّي؛ إلى أن وقع تحت يدي عن طريق أحد الزملاء خطاب منه ـ على أوراق عالم الاستثمار الحقيقي ـ إلى رجال الأعمال وأصحاب المنشآت كدعوة للانضمام إلى برنامج الصفوة: وفيه من العبارات الغريبة والتي استوقفني فيها التالي:
"وحيث إننا نجـزم بإذن الله بوصولنا لرئاسة الغرفة ولتنفيذ هذا العزم متى ما حصلت على دعمكم وتأييدكم"
بالله عليكم كيف يجزم قبل أن تبدأ الانتخابات أصلاً!! يبقى هذا السؤال برسم الإجابة!!.
كما أنّ هذه الدعوة قد تمّ إرسالها إلى مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والمنشآت، وقد كانت توزّع وتُستلم داخل الخيمة المؤقّتة الخاصّة بالشبيلي أوراقُ موافقةِ تلك المنشآت على الدعوة الموجّهة لهم للمشاركة مع فريق العمل سواء في (فندق مريديان بالخبر، أو منتجع جراند هلز ببيروت، أو الفورسيزن بشرم الشيخ؟؟!!) الله الله الله..!!! أتمنى أن أعرف هذه الدورات ستُساعد أصحاب المنشآت في ماذا بالضبط؟؟ خصوصاً أنّ بعض الأماكن المذكورة غنيّة عن التعريف!
وممّا قرأت أيضاً أنه قد أعلن في الصّحف عن تبرّعه بمبلغ (40 مليون ريال) لبرنامج تواصل الذي أطلقه مع موعد الانتخابات، والمتمثّل في استمالة الناخبين بتسديد رسوم صناديقهم واشتراكاتهم في الغرفة التجارية...
وأخيراً أطرح هذه الأسئلة علّ وعسى أن أجد رداً عليها:
ـ متى سيوفي الشبيلي بوعوده السابقة للمساهمين في مشروعاته بالخُبر؛ للذين يُعانون الويلات في تحصيل مستحقّاتهم؛ وصاحبُهم يعبث بالأموال للوصول لمآربه الخاصّة. ولو أنّه أنفق ما صرفه على إعادة أموال المستحقّين ممّن خسروا معه؛ ألن يكون ذلك أفضل من بذخه وتوزيعه للأموال على المقتدرين ؟؟!!.
ـ منذ متى أصبحت استمالة النّاخبين بوعود مادية في مقر الانتخابات بجوار الغرفة التجارية خلال وقت الاقتراع طريقة مشروعة للحصول على كرسي في الغرفة التجارية؟؟؟
ـ منذ متى كانت الأعمال والمشاريع التطويرية تُقام في خيمةً مؤقّتة تبدأ وتنتهي مع مواعيد الانتخابات؟؟!!
ـ كيف يُسمح لهذه البرامج أن تُقام مقرات لها في ساحات منطقة الانتخابات؟؟.
ـ ومنذ متى كانت تذاكر السفر توزّع عياناً جهاراً ـ حتى ولو كانت لمناسبات معيّنة ـ أمام أبواب الانتخابات وعلى مرأى ومسمع من جميع المتواجدين.
ويبقى السؤال الأخير :
أين هو دور الغرفة التجارية واللجنة المنظّمة والرقابة في كل ما حصل؟؟ وهل سيُحاسب (المكتسح) على تجاوزاته وخروقاته الواضحة للعيان؟ أم أنه المفهوم الجديد للنزاهة في الانتخابات والذي مكّن الشبيلي من عرض فنونه وعضلاته ضمن هذا المفهوم وحصوله على لقب المكتسح بكل جدارة.